يعتبر مرض أنيميا الفول مرضًا شائعًا ينتشر في كل أنحاء العالم حيث تشير التقديرات إلى إصابة حوالي 200 مليون شخص حول العالم، لكنه يتركز في اليونان وإيطاليا ودول حوض البحر المتوسط والشرق الأوسط.ودولة الامارات
ينجم المرض عن نقص وراثي في إنزيم (G6PD) وهذا ما يجعل الكريات الحمراء قابلة للتكسر والانحلال عند تعرضها لبعض المواد المؤكسدة ومنها الفول الأخضر، لذلك يدعى المرض أحيانًا بأنيميا الفول أو الفوال (favism) وبالتحديد الحالات الشديدة من المرض.
- إن إنزيم G6PD (غلوكوز6 فوسفات دي هيدروجيناز) هو إنزيم ضروري لعمل الكريات الحمراء وسلامتها حيث يساهم هذا الإنزيم في سلسلة من التفاعلات التي تتم في الكرية الحمراء التي تؤدي في النهاية لإنتاج مادة الغلوثاثيون المرجع (reduced) التي تحمي الكريات الحمراء من التكسر عند تعرضها للمواد المؤكسدة وتمنع تخربها. لذلك يؤدي نقص إنزيم G6PD إلى نقص إنتاج الغلوتاثيون المرجع، وبالتالي فقدان الحماية للكريات الحمراء التي تصبح معرضة للتكسر والانحلال عند تعرضها لمواد مؤكسدة مثل الفول وبعض الأدوية.
إن مرض نقص إنزيم G6PD مرض وراثي متنح مرتبط بالصبغي الجنسي X حيث يشرف على تركيب هذا الإنزيم جين متوضع على الصبغي X، ويؤدي حدوث خلل في هذا الجين (طفرة) إلى نقص تركيب هذا الإنزيم، وقد تم تحديد وجود أكثر من 400 طفرة قد تصيب جين الإنزيم، ويفسر اختلاف الطفرات وكثرتها اختلاف الأعراض وشدتها.
إن مرض أنيميا الفول هو مرض متنح أي لا يظهر إلا إذا أصيبت كل نسخ الصبغي X.
توجد عند المرأة نسختان من الصبغي الجنسي X، لذلك تقوم إحدى النسختين بالتعويض في حال إصابة النسخة الأخرى، وهذا يفسر قلة إصابة الإناث بالمرض، أما عند الرجل فلا توجد إلا نسخة واحدة من الصبغي X، لذلك تؤدي إصابة هذه النسخة إلى الإصابة بالمرض وهذا يفسر كثرة إصابة الذكور.
ينقل الذكور المصابون المرض إلى بناتهم ولا ينقلونه أبدًا إلى أولادهم الذكور.
أما الأم الحاملة للمرض فتنقله إلى أبنائها الذكور والإناث، ولا تصاب المرأة عادة بهذا المرض إلا نادرًا.
يؤدي تناول الفول أو بعض أنواع الأدوية عند الأشخاص المصابين بنقص إنزيم G6PD إلى حدوث تكسر الكريات الحمراء (الانحلال الدموي) وبالتالي يحدث فقر الدم الذي قد يكون شديدًا ومهددًا للحياة.
وأهم الأعراض السريرية هي الشحوب والصداع والدوار والغثيان والقيء وألم الظهر والوهن والألم البطني والحمى الخفيفة، ومن الأعراض الهامة اليرقان (الصفار) وهو تلون الجلد والأغشية المخاطية (ملتحمة العين) باللون الأصفر الناجم عن زيادة إنتاج مادة البيلروبين نتيجة للتخرب الشديد للكريات الحمراء، وهذه المادة قد تكون ضارة جدًا عند الأطفال حديثي الولادة حيث يمكن لها أن تترسب داخل الدماغ محدثة مشاكل خطيرة.
أما العوامل التي تؤدي لتنشيط هذا المرض فتشمل :
تناول بعض أنواع الأطعمة وعلى رأسها البقوليات بأنواعها خاصة الفول الأخضر والعدس والفاصوليا والبازلاء، ويمكن أيضًا لغبار طلع نبات الفول أن يؤدي إلى نفس النتيجة.
بعض أنواع الأدوية مثل بعض المضادات الحيوية، مضادات الملاريا فيتامين C المسكنات (مثل الأسبرين) مضادات التقيؤ
أدوية السل أدوية القلب التعرض للالتهابات الفيروسية والجرثومية (مثل التهاب الكبد) وقد يحدث تكسر الكريات تلقائيًا دون سبب واضح في بعض الحالات.
يتم التشخيص اعتمادًا على القصة المرضية وفحص المريض إضافة إلى إجراء بعض الفحوص المخبرية حيث يكون هيموغلوبين الدم منخفضًا والبيلروبين مرتفعًا وتبدو الكريات الحمراء تحت المجهر متكسرة ومتجزئة.أما فحص البول فيظهر وجود البيلة الخضابية، ويتم إثبات التشخيص بمعايرة فعالية إنزيم G6PD في الكريات الحمراء حيث تكون هذه الفعالية منخفضة.
إذا كان تكسر الكريات الحمراء شديدًا أدى ذلك لحدوث فقر دم حاد وشديد عند المريض، وهذه الحالة إسعافية تستلزم نقل الدم الاسعافي تحت إشراف طبي مع مراقبة المريض من كثب وقد نضطر لنقل الدم أكثر من مرة، ويتم مراقبة وظائف الكلية خوفًا من حدوث الفشل الكلوي الحاد الناجم عن انحلال الدم الشديد.
الوقاية هي أساس تدبير هذا المرض الوراثي، فطالما كان المريض بعيدًا عن الأطعمة والأدوية المسببة لتكسر الدم كانت أموره سوية تمامًا لذلك فإن تثقيف المريض وأهله (إن كان المريض صغيرًا) من الأمور الأساسية حيث لابد من التأكيد على طبيعة المرض الوراثية، وأنه ليس مرضًا معديًا، كما يتم تزويد المريض وأهله بقائمة الأطعمة والأدوية والمواد الأخرى التي يجب أن يتجنبها لمنع حدوث تكسر الدم، ومن الأمور الهامة أيضًا ضرورة تذكير الطبيب دومًا بوجود نقص إنزيم G6PD عند المريض حتى يراعي ذلك عند وصف الدواء....